بعد انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسًا لإيران، تأكَّد على أن نهج البلاد في دبلوماسية الطاقة قد تغيَّر.
0
0
موقع نفت آرا التحليلي الإخباري - وتُعدّ تلك الدبلوماسية أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لطهران، نظرًا لأنها إحدى الدول الغنية بموارد الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي.
وتتمثل إحدى إستراتيجيات إيران، بعد تولّي إبراهيم رئيسي مهامّ منصبه، بتطوير العلاقات الدولية في مجال الطاقة.
وتحاول طهران تعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى في مجال الطاقة، بما في ذلك دول الجوار والاتحاد الأوروبي والصين، ويشمل ذلك توقيع عقود النفط والغاز وتطوير تجارة الطاقة والتعاون في مجال تقنيات الطاقة النظيفة.
في سياق متصل، تحاول طهران أداء دور أكثر نشاطًا في منظمات واتحادات الطاقة الدولية، والتأثير في السياسات المتعلقة بإنتاج الطاقة وتوزيعها وتسعيرها وحماية مصالحها. دبلوماسية الطاقة في إيران
تسعى إيران إلى زيادة قوّتها التفاوضية في عقود الطاقة الدولية.
يأتي ذلك على الرغم من الادّعاء بأن تطوير هذه العلاقات اكتسب في البداية زخمًا كبيرًا، بسبب التركيز على الدول المجاورة.
من ناحيتها، أعطت وزارة النفط الإيرانية الأولوية لإحياء العلاقات مع دول مثل تركمانستان وأذربيجان والعراق ودول الخليج العربي.
بعد ذلك، وسّعت الوزارة حضورها الدبلوماسي ليشمل البلدان البعيدة، بما في ذلك الصين وروسيا ودول أميركا اللاتينية.
وتكمن النقطة الرئيسة هنا في أنه بسبب نقص الغاز الطبيعي والبنزين، تضطر طهران إلى الاعتماد على الدول المجاورة لإنتاج الغاز الطبيعي والبنزين.
ورغم زيادة مبيعات النفط الإيراني خلال العامين الماضيين، فإن الوضع الاقتصادي للشعب لم يتحسّن. روسيا
على الرغم من العقوبات المفروضة على موسكو وطهران، توسعت علاقات الطاقة بين البلدين في العامين الماضيين.
وتجدر الإشارة إلى أن روسيا، لتلبية احتياجاتها من العملات والحفاظ على حصتها في السوق، كانت تعرض النفط بتخفيضات كبيرة لدول مثل الصين والهند وتركيا.
وبالمثل، كانت إيران تبيع النفط بأسعار مخفضة للصين في السوق الموازية.
بعد زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي لروسيا، وتوقيع مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار بين شركة النفط الوطنية في طهران وغازبروم الروسية في أواخر يوليو/تموز 2022، اكتسبت علاقات طهران وموسكو في قطاع الطاقة مزيدًا من الزخم.
خلال هذه الزيارة، وُقِّعَت اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتطوير حقول النفط والغاز الإيرانية وصياغة خطة تفصيلية لنقل التكنولوجيا.
وركّزت وزارة النفط الإيرانية، المستفيدة من المنصة التي تمّ إنشاؤها، على تطوير هذا المسار.
إضافة إلى ذلك، امتدّ هذا التعاون إلى قطاع البتروكيماويات، بهدف تبادل المعرفة التقنية والتعاون القائم على التكنولوجيا في هذا القطاع، وأنشئ ممر شمال-جنوب، لتسهيل الوصول إلى الأسواق بشكل أسهل وأسرع.
ومن المهم ملاحظة أن مذكرة التفاهم البالغة قيمتها 40 مليار دولار بين شركة النفط الوطنية وغازبروم لم تصل بعد إلى مرحلة إبرام عقد رسمي. تركمانستان
كان كسر جمود العلاقات مع تركمانستان أمرًا ضروريًا سببًا لكي تتمتع طهران بوصول آمن إلى الغاز، ويعود ذلك إلى أن احتمال انعدام التوازن وانخفاض ضغط الغاز كان مشكلة كبيرة خلال أشهر الشتاء الباردة.
واستمر هذا التهديد على الرغم من جميع خطط التوسع والزيادات السنوية في إنتاج الغاز، بسبب الارتفاع المستمر باستهلاك الطاقة في طهران.
في المقابل، كان انقطاع إمدادات الغاز في تركمانستان مشكلة جعلت من الصعب توفير الوقود، خصوصًا خلال أشهر الشتاء الباردة في الأجزاء الشرقية من إيران.
نتيجة لذلك، قرر وزير النفط جواد أوجي زيارة تركمانستان في الأيام الأولى لتولّيه مهام عمله، وبضفته مسؤولًا عن وزارة النفط، ومحاولة إحياء شراكة الغاز طويلة الأمد بين البلدين.
جرى إحياء عمليات التبادل بين تركمانستان وإيران وأذربيجان في نهاية المطاف، بسبب مبادرته المستقبلية على هامش القمة الـ15 لمنظمة التعاون الاقتصادي (إي سي أوه).
في 1 يناير/كانون الثاني 2023، دخلت العملية حيز التنفيذ، ما سهّل الحصول على الغاز خلال أيام الشتاء الباردة من ذلك العام، خصوصًا في المناطق الشرقية لإيران. أميركا اللاتينية
في ظل نقص حادّ في البنزين بسبب الحظر المفروض على فنزويلا، دخلت إيران صناعة النفط في دول أميركا اللاتينية عن طريق تصدير البنزين.
على الرغم من مواجهة العقوبات، سارعت إيران لتوفير الوقود لحليفها القديم، وقد أدى ذلك إلى تحديد فرص الاستثمار في مشروعات التكرير، ما أدى تدريجيًا إلى ترسيخ وجود إيران بصناعة النفط في دول أميركا اللاتينية.
تزامَن ذلك مع تخلّي الشركات الأميركية والأوروبية عن عديد من مشروعات صناعة النفط، ما خلق فرصة لإيران لتصدير الخدمات التقنية والهندسية بهدف تطويرها، وهو ما أعطته حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الأولوية.
وأسفرت زيارة وزير النفط الإيراني والوفد المُرافق إلى 3 دول في أميركا اللاتينية في نهاية المطاف عن توقيع 8 عقود واتفاقيات في مجالات تطوير وإنتاج حقول النفط والغاز، وتحديث المصافي وصيانتها، والاستفادة من سعة التكرير.
واستهدفت هذه العقود والاتفاقيات تدريب الموارد البشرية وتبادل الخبرة في صناعات النفط والغاز والبتروكيماويات والخدمات الفنية والهندسية ونقل التكنولوجيا وتطوير حقول النفط والغاز، وقد تحسنت العلاقات بين إيران ودول أميركا اللاتينية، وتوطدت العلاقات بسبب هذه الزيارة.
وبحسب المتحدث باسم لجنة الطاقة في مجلس الشورى الإسلامي، مالك شريعتي نياسار، فقد تعززت دبلوماسية إيران في مجال الطاقة مع روسيا وتركمانستان وقطر في ظل سياسات وأداء الحكومة الـ13.
وأكد شريعتي أن التعاون في قطاع الطاقة يُعدّ أحد أهم أوجه التعاون بين طهران وموسكو، موضحًا أن الجمهورية الإسلامية تُعدّ مركزًا لتبادل الطاقة، وخصوصًا في مجال الغاز الطبيعي.
وسلّط الضوء على البنية التحتية الفريدة لأنابيب الغاز وبقطاعي التكرير والبتروكيماويات في إيران، التي تطلبها روسيا ودول أخرى، وقد تمّ التوصل إلى اتفاقيات جيدة بين البلدين في هذا الصدد.
في إشارة إلى خطط التعاون طويلة المدى وتوقيع وثيقة تعاون مدّتها 20 عامًا بين طهران وموسكو، أشار شريعتي إلى أن هذه الوثيقة تغطي مجالات مختلفة، بما في ذلك استثمارات الطاقة، واتفاقيات التبادل الإقليمية، والتعرفات الجمركية بين إيران وروسيا، واستكمال اتفاقية ممر شمال-جنوب في قطاعي السكك الحديدية والطرق، ونقل المنتجات.
وتمّ التوصل إلى اتفاقيات مفيدة، وإن كانت التفاصيل ما تزال قيد المراجعة، فإنّ من المؤمّل إبرام عقود قيمة في هذا الصدد. عقبات كبيرة
تواجه إيران عقبات كبيرة بدبلوماسيتها في مجال الطاقة، ويثير انتخاب إبراهيم رئيسي للرئاسة شكوكًا بشأن قدرة إيران على متابعة هذه الإستراتيجية بفعالية.
ولا يمثّل أمن إمدادات الغاز، وإدارة نقص الوقود، وزيادة حصة إيران في السوق إلّا عددًا قليلًا من الصعوبات التي يجب أن يتعامل معها قطاع الطاقة في البلاد، وهذا يعتمد كثيرًا على السياسة الخارجية ودبلوماسية الطاقة الكفء.
من المؤكد أن دبلوماسية الطاقة في إيران ستواجه صعوبات كبيرة إذا لم يجرِ تنقيحها وتعزيزها.
ويمكن أن يتضمن ذلك تحديات في ضمان أمن الطاقة، والحفاظ على استقرار إمدادات الغاز والنفط، وجذب رأس المال والتكنولوجيا الدوليين، وتعزيز أسواق تصدير النفط الخام ومكثفات الغاز والمنتجات البترولية.
لذلك، يجب على إيران إعطاء دبلوماسية الطاقة أولوية قصوى وتحسينها، من خلال القنوات الدبلوماسية والتحالفات الإستراتيجية لمعالجة القضايا المتعلقة بالطاقة.
ويمكن لإيران تحسين أمن الطاقة لديها، وتعزيز النمو المستدام في صناعة الطاقة، وضمان مستقبل أكثر أمانًا وازدهارًا للبلاد من خلال اتخاذ إستراتيجية استباقية وجيدة التخطيط.
بالإضافة إلى ذلك، تُعدّ دبلوماسية الطاقة الإيرانية ضرورية لإدارة قضايا الطاقة المحلية، وكذلك للتأثير في علاقاتها الخارجية والإمكانات الاقتصادية المستقبلية.
ويمكن لإيران أن تصوغ شراكات إستراتيجية، وتبرم صفقات طاقة مفيدة، وتستقطب رأس المال لتوسيع بنيتها التحتية للطاقة من خلال دبلوماسية الطاقة الفعالة.
ولا بدّ من الإشارة إلى عوائق كبيرة بسبب الوضع الحالي لدبلوماسية الطاقة في إيران.
وتُعدّ قدرة إيران على الاستعمال الفعال لمواردها الوفيرة من الطاقة والمشاركة في دبلوماسية الطاقة الهادفة مقيدة بآثار العقوبات والأزمات الإقليمية والتوترات الجيوسياسية، وقد أدى ذلك إلى خسارة المشروعات المشتركة، ونقل التكنولوجيا، وآفاق تنويع السوق.
انتهي/.