موقع نفت آرا التحليلي الإخباري- يأتي ذلك بعد أن فرضت واشنطن -التي كانت عازمة في السابق على تغيير نظام الحُكْم في البلاد- عقوبات على قطاع
فنزويلا النفطي في عام 2019، ودعمت زعيم المعارضة خوان غوايدو، وقد فشلت هذه الإجراءات.
ودفع الدعم العسكري المستمر للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وتضاؤل الدعم لغوايدو، والحاجة إلى مصادر طاقة بديلة بعد حظر استيراد النفط الروسي في عام 2022، الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في موقفها.
ويؤكد هذا التحول الأخير إمكانات الدبلوماسية المتبدِّلة وآثارها في أسواق الطاقة العالمية.
ويبدو أن فنزويلا -التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، وكانت في السابق مصدرًا رئيسًا للنفط إلى الولايات المتحدة- تؤدي دورًا رئيسًا في تلبية احتياجات الولايات المتحدة من الطاقة.
وتهدف خطة تخفيف عقوبات إدارة بايدن إلى إنعاش صناعة
النفط الفنزويلية، وتسهيل عودتها إلى الأسواق العالمية، وتحفيز الاقتصاد الفنزويلي، الذي تقلَّص بشكل كبير بين عامَي 2014 و2020.
في الوقت نفسه، تتجه إدارة بايدن نحو إبرام اتفاقية مع إيران يُحتمل أن تكون مهمة، وقد شهدت صادرات النفط في البلاد انتعاشًا كبيرًا.
وتُقدَّر صادرات إيران النفطية -حاليًا- بنحو 1.5 مليون برميل يوميًا، وهي في أعلى مستوياتها منذ تطبيق العقوبات الصارمة من جانب إدارة ترمب في عام 2018.
في سياق
الاتفاق النووي التاريخي (خطة العمل الشاملة المشتركة) لعام 2015، حصلت إيران على مدة تخفيف للعقوبات، مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وأدى تخفيف العقوبات الناتج عن ذلك إلى زيادة قوية في صادرات النفط الإيرانية، إذ بلغت ذروتها عند 2.8 مليون برميل يوميًا في عام 2018.
وقد وجّه الانسحاب المفاجئ للولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018، وإعادة فرض العقوبات في عهد إدارة ترمب، ضربة كبيرة لقدرات إيران على تصدير النفط.
انخفاض صادرات فنزويلا النفطية
شهدت فنزويلا انخفاضًا كبيرًا في صادراتها النفطية بسبب العقوبات الأميركية المفروضة في عام 2019، وهي خطوة إستراتيجية تهدف إلى زعزعة استقرار حكومة الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو.
نتيجة لذلك، تراجعت
الصادرات الفنزويلية إلى أدنى مستوى لها منذ 77 عامًا، عند 623 ألفًا و600 برميل يوميًا في عام 2020، في تناقض صارخ مع 1.89 مليون برميل يوميًا سُجِّلَت عام 2016، حقبة ما قبل العقوبات.
في ضوء ذلك، يهدف المحور المفاجئ في إستراتيجية الولايات المتحدة إلى موازنة النفوذ المتنامي ل
روسيا والصين في المشهد الفنزويلي والإيراني، ويوجد متغير ملحوظ في هذه الحسابات الجيوسياسية يستدعي دراسة دقيقة.
ويكمن العنصر المحوري في إعادة الاصطفاف الإستراتيجي ل
فنزويلا وإيران تجاه آسيا، ما يمثّل تحولًا حاسمًا عن الهيمنة الأميركية.
التعاون الإيراني الفنزويلي
في خطوة مهمة لصناعة الطاقة، وقّع
وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، إلى جانب نظيره الفنزويلي، بيدرو رافائيل تيليشيا، مؤخرًا، سلسلة من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعميق تعاونهما.
وأُبرِمَت هذه الاتفاقيات المهمة خلال زيارة أوجي الدبلوماسية إلى كاراكاس في 16 أبريل/نيسان، التي شهدت انخراطه في حوار رفيع المستوى مع كبار الشخصيات الفنزويلية.
وتؤكد هذه الاتفاقيات الالتزام المشترك بين البلدين لتعزيز تحالفهما في جميع قطاعات النفط، من التنقيب والإنتاج إلى التكرير والتوزيع.
وتشمل الاتفاقيات متعددة الأوجه مبادرات مختلفة، بما في ذلك استكشاف وتطوير حقول النفط والغاز، وإعادة تأهيل مصافي النفط في فنزويلا، ومضاعفة ناتجها التشغيلي.
ويؤكد هذا التطور خطوة إستراتيجية للاستفادة من قدرات البلدين المشتركة في مواجهة التحديات متعددة الأوجه بمشهد الطاقة العالمي.
وعلى الرغم من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على شركة النفط الوطنية الفنزويلية المملوكة للدولة، ظلت إيران ثابتة في دعمها، ولا سيما إمدادها بالنافثا، وهو عنصر حاسم في تعزيز إنتاج النفط الفنزويلي.
على صعيد آخر، تساعد الخبرة الفنية والهندسية الإيرانية بتحديث البنية التحتية النفطية في فنزويلا، بما في ذلك مجمعات ومحطات البتروكيماويات، وتشمل هذه الشراكة التجارة الدولية وتصدير النفط ومكثفات الغاز والمنتجات البترولية.
ويعكس هذا التحالف، الذي عززته زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى فنزويلا، شراكة دائمة بين طهران وكراكاس، ما يدل على تصميمهما المشترك على تجاوز
العقوبات الأميركية وسط الديناميكيات العالمية المتطورة.
عززت الدولتان الغنيتان بالنفط اللتان فرضت عليهما الولايات المتحدة عقوبات، إيران وفنزويلا، تحالفهما مؤخرًا من خلال توقيع 25 مذكرة تفاهم في مجالات الطاقة والتجارة والتنمية الصناعية والقطاعات الثقافية والعلمية.
وتمثّل هذه الاتفاقيات انعكاسًا لاتفاق التعاون الذي دام 20 عامًا ووُقِّع العام الماضي خلال زيارة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى طهران، وقد أُعِدّت الاتفاقات بشكل إستراتيجي لتجاوز العقوبات والتخفيف من عواقبها.
من ناحيته، أعلن وزير النفط الإيراني جواد أوجي أن إيران قدّمت دعمًا كبيرًا في مجال التكرير لفنزويلا على مدار الـ20 شهرًا الماضية، بما في ذلك تشغيل مصفاة تكرير لديها والمساعدة في قطاع البتروكيماويات بفنزويلا، وفقًا لمذكرات التفاهم.
إضافة إلى ذلك، تعاقدت فنزويلا مع شركة إيران للصناعات البحرية "صدرا"، الخاضعة للعقوبات الأميركية، لبناء ناقلات نفط جديدة من فئة أفراماكس، ما يسهّل تحديث أسطول ناقلات شركة النفط الوطنية الفنزويلية المتقادم.
التحايل على العقوبات الأميركية
تقدّم إيران وفنزويلا، وكلتاهما بارعة في التحايل على العقوبات الأميركية، رؤى مهمة بشأن التحولات الجيوسياسية في سوق الطاقة.
فقد عانت إيران، التي كانت في السابق ركيزة أساسية لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، جنبًا إلى جنب مع المملكة العربية السعودية، من تداعيات كبيرة على إنتاجها النفطي بسبب العقوبات الأميركية التي تستهدف الطلب، الذي ما يزال يشهد حالة مستمرة من التعافي.
في الوقت الحاضر، يتأرجح قطاع النفط الروسي على حافّة محنة مماثلة، ويرجع ذلك أساسًا إلى القصور التكنولوجي الناجم عن تراجع الاستثمارات الأجنبية.
ويهدد هذا المأزق بأن يصبح أكثر حدّة بالنسبة لروسيا مقارنة بإيران وفنزويلا، بالنظر إلى القيود التجارية الأوسع التي تفرضها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي.
انتهي/.