موقع نفت آرا التحليلي الإخباري ويتبع قطاع النقل حاليًا القطاعات المحلية والعامة والتجارية في استهلاك الطاقة، ويمثّل نحو ربع إجمالي استهلاك الطاقة.
ويمكن عدّ الزيادة السكانية وزيادة عدد السيارات من أهم أسباب زيادة استهلاك الوقود في السنوات الأخيرة، وقد تحولت إيران من دولة مصدّرة للبنزين والديزل إلى مستوردة.
وتمّ تفريغ أول سفينة ديزل مستوردة في
ميناء تشابهار، الأسبوع الماضي، بسعة 50 مليون لتر من الديزل.
وكانت
إيران، تاريخيًا، مصدرًا صافيًا لوقود الديزل، إذ تُصَدَّر كميات كبيرة إلى دول في المنطقة مثل العراق وأفغانستان وباكستان. في السنوات الأخيرة، نما الطلب المحلي للبلاد على الديزل بسرعة، ما أدى إلى انخفاض في الكمية المتاحة للتصدير.
وصدّرت إيران ما يقرب من 840 ألف برميل يوميًا من المنتجات البترولية في عام 2021، وهو ما يمثّل زيادة عن نحو 700 ألف برميل يوميًا في عام 2020، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وشكّل غاز البترول المسال وزيت الوقود و
البنزين نحو 74% من إجمالي صادرات المنتجات البترولية، وفقًا لتقديرات شركة فاكتس غلوبال إنرجي البريطانية.
تجدر الإشارة إلى أن إيران صدّرت، خلال السنوات الـ5 الماضية، البنزين والديزل، وجَنَتْ نحو 3 مليارات دولار سنويًا.
أسباب نقص الديزل في إيران
منذ عام 2016، تأثّر الديزل بالزيادة الكبيرة في إنتاج الغاز في إيران واستبدال استهلاك الوقود السائل بالغاز الطبيعي في
محطات الكهرباء.
وبحسب الإحصاءات الرسمية لوزارة الطاقة، في 2015-2014، بلغ إنتاج إيران من الديزل 97 مليون لتر يوميًا، بينما تجاوز استهلاكها 104 ملايين لترات.
في العام نفسه، استهلكت إيران أكثر من 33 مليون لتر من الديزل في محطات الكهرباء. إجمالًا، خلال عام 2011، بلغ استهلاك الوقود السائل في محطات توليد الكهرباء 27 مليار لتر.
وفقًا للتقارير الرسمية، فإن محطات الكهرباء الإيرانية، وخصوصًا بسبب استهلاكها للوقود السائل، مسؤولة عن 40% من إنتاج ثاني أكسيد الكربون في البلاد، وهو ما يعني -وفقًا لمنظمة الصحة العالمية- أن التكلفة السنوية لتلوث الهواء في إيران تُقدَّر بنحو 16 مليار دولار.
في السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد انحسار فيروس كورونا، زاد استهلاك البنزين والديزل في إيران.
في يناير/ كانون الثاني الماضي، قال الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية الإيرانية لتوزيع المنتجات النفطية (إن آي أو بي دي سي)، علي أكبر نجاد علي: "إن استهلاك البنزين في الشتاء لم ينخفض، ونشهد استهلاكًا مفرطًا لهذا المنتج النفطي".
وأضاف أن "متوسط الاستهلاك من البنزين هذا العام من بداية العام وحتى اليوم، بلغ 103.5 مليون لتر يوميًا، وفي اليوم الثالث من يناير/كانون الثاني استُهلِكَ 116 مليون لتر من البنزين في البلاد".
وتعدّ هذه الكمية كبيرة جدًا لموسم الشتاء هذا العام، وهو العام الوحيد الذي لم ينخفض به الاستهلاك في الشتاء، خلافًا لاتجاه السنوات السابقة.
في المقابل، يُستعمَل الديزل في مختلف القطاعات الاقتصادية، لكن المستهلك الرئيس لهذا المنتج البترولي هو قطاع النقل، الذي يمثّل نحو 60% من استهلاك إيران للديزل.
في قطاع إنتاج الديزل، زادت القدرة الإنتاجية لمصافي التكرير في إيران من 69.1 مليون لتر يوميًا، في عام 2001، إلى نحو 115 مليون لتر يوميًا في عام 2021.
في السنوات الماضية، وخصوصًا في الخريف والشتاء، وبسبب
نقص الغاز الطبيعي في إيران، قامت وزارة الطاقة بتسليم الديزل وزيت الوقود إلى محطات توليد الكهرباء.
بمقابلة في فبراير/شباط 2021، صرّح الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية لتكرير وتوزيع النفط جليل سالاري أنه منذ بداية ذلك العام، استُهلِكَت 9 مليارات لتر من الديزل، أي ما يعادل 27.2 مليون لتر يوميًا، في محطات توليد الكهرباء.
بمعنى آخر، استُعمِلَ نحو 27% من وقود الديزل الذي حُرِقَ عام 2021 في محطات توليد الكهرباء لتعويض نقص الغاز.
وبحسب الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية للتكرير والتوزيع، بلغ استهلاك الديزل في عام 2019 نحو 8 مليارات لتر، أي ما يعادل 24.5 مليون لتر يوميًا.
وتمثّل هذه الكمية 24% من إجمالي استهلاك البلاد من الديزل، الذي استُهلِكَ في محطات توليد الكهرباء.
عوامل اعتماد إيران على واردات الديزل
تُعدّ قدرة تكرير النفط المحلية في إيران غير كافية لتلبية الطلب المحلي على المنتجات النفطية المكررة، ويلبي إنتاج إيران من النفط الخام، في المقام الأول، احتياجات أسواق التصدير، في حين إن الطلب المحلي على المنتجات النفطية قد زاد بسرعة، وخصوصًا وقود الديزل.
وكان الافتقار إلى قدرة التكرير الكافية يعني أن إيران اضطرت إلى استيراد الديزل من دول أخرى لتلبية الطلب المتزايد.
بِدَوْرِها، عاقت
العقوبات، التي فرضتها الولايات المتحدة، قدرة إيران على صيانة مصافي التكرير وتطوير البنية التحتية للطاقة، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج المحلي للمنتجات البترولية المكررة.
لقد وجهت العقوبات الأميركية -التي كانت تهدف إلى تقييد وصول إيران للنظام المالي العالمي والحدّ من قدرتها على تصدير النفط الخام- ضربة كبيرة لاقتصاد البلاد.
وأدى نقص الموارد والوصول إلى الاستثمار الأجنبي إلى عدم قدرة إيران على تكرير النفط الخام محليًا، ما عزّز الحاجة إلى واردات الديزل.
وتؤدي التغييرات في العقوبات الدولية دورًا رئيسًا. وسيكون وضع العقوبات الاقتصادية الدولية ضد إيران عاملًا رئيسًا في تحديد مستقبل واردات الديزل.
عند رفع العقوبات، سيكون لإيران وصول أكبر إلى الاستثمار الأجنبي والتكنولوجيا، ما قد يساعدها على زيادة قدرتها التكريرية وتقليل حاجتها إلى استيراد الديزل.
أخيرًا، من الضروري مراعاة الاهتمامات البيئية. وتركز إيران بشكل متزايد على معالجة القضايا البيئية مثل تلوث الهواء و
تغير المناخ، وقد نفّذت الحكومة سياسات لتعزيز الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات، ما قد يؤدي إلى انخفاض في واردات الديزل بمرور الوقت.
ويمكن لإيران استكشاف سلاسل إمداد بديلة لاستيراد الديزل، مثل شحنه من دول بعيدة أو تطوير خطوط أنابيب لربطها بمصادر إمداد جديدة، وقد تكون هذه الخيارات مكلفة، وقد تواجه تحديات جيوسياسية وتنظيمية.
ويعدّ اعتماد إيران على واردات الديزل مشكلة معقّدة ناجمة عن عوامل مختلفة، مثل عدم كفاية قدرة التكرير المحلية، والعقوبات الأميركية، ودعم الديزل، والاعتماد على الديزل في قطاع النقل.
لمعالجة هذه المشكلة، تحتاج إيران إلى الاستثمار في طاقتها التكريرية المحلية، وإيجاد مصادر طاقة بديلة، وتقليل اعتمادها على الديزل.
علاوة على ذلك، يجب على الحكومة الإيرانية النظر في خفض دعم الديزل تدريجيًا لتشجيع الاستعمال الأكثر كفاءة للطاقة وتقليل الحاجة إلى واردات الديزل.
ويعتمد مستقبل واردات الديزل من قبل إيران على عوامل متعددة قابلة للتغيير بمرور الوقت.
في حين إن البلاد قد تسعى إلى تقليل اعتمادها على واردات الديزل، فمن غير الواضح ما إذا كانت ستكون قادرة على تحقيق ذلك قريبًا، نظرًا لوضعها الاقتصادي والجيوسياسي الحالي.
انتهي/.